منذ فترة وليست ببعيدة قامت شركة بلاك ماجيك بطرح كاميرا تصور بدقة الم 12K. هذا الإعلان المفاجئ جعل الكثير منا يتسائل هل فعلا نحتاج إلى هذا الرقم الكبير للتصوير؟ وهل يوجد شاشة في يومنا الحالي تعرض هذا المقاس؟ و هل لدينا جهاز يتحمل هذه الملفات الكبيرة نظرا لدقتها الكبيرة؟ وما مدى أهمية دقة الصورة؟ وآخرا وليس أخيرا هل الميجابيكسل ودقة الصورة هما من يقفان خلف جودة الصورة؟
إن المتابع لسوق الكاميرات سوف يلاحظ إنه أكثر المعلومات البارزة على أي إعلان تجاري خاص للكاميرا دائما ما يكون عدد الميجابيكسل ودقة الصورة، بل إنه اليوم حتى المستهلك العادي قد لا يقبل شراء كاميرا بدقة أقل من 4K لإعتقادهم أنه الصورة سوف تكون ذو جودة عالية. ولكن في حقيقة الأمر وما أراه من منظور شخصي فإن هذا الأمر ليس بصحيح وحتى نعلم لماذا علينا أن نشرح ماهو الميجابيكسل ودقة الصورة.
نجد اليوم أن هنالك بعض الكاميرا التي تصور بدقة ال 4K,6K,8K,12K فما هي هذه الأرقام في حقيقة الأمر؟ هي وبكل بساطة دقة الصورة وهي عبارة عن عدد معين من البيكسل في العرض والطول من الصورة فعلى سبيل المثال مقاس ال2K هو عبارة عن 2048 بيكسل بالعرض في 1080 بيكسل بالطول، وإذا ما قمنا بضرب الرقمين سوف يكون الناتج ٢ مليون تقريبا، وبذلك إذا ما أردنا التصوير بدقة 2K نحتاج فقط إلى مليونين بيكسل والتي يعبر عنها بـ ٢ ميحابيكسل ( ميجا اختصارا لكلمة مليون )، فقط ٢ ! إذا لما يوجد هنالك كاميرات تسوق بأنها تمتلك عدد ميجابيكسل أكثر وبأنها أدق؟
العدد الكبير من الميجابيكسل يعني وجود تفاصيل أكثر في الصورة عند محاولة تكبيرها وهو العامل الذي يتم تسويقه بكثرة للمصورين الفوتغرافي نتيجة طبيعة عملهم الذي يستوجب أن تحتوي الصورة على تفاصيل كثيرة خصوصا وأنهم يقومون بطباعة صورهم على المجلات، أما بالنسبة لمصورين الفيديو فأغلبهم قد لا يحتاجون لهذا الأمر. فإذا ما نظرنا في الصورة أسفل وهو مثال مابين صورة تم تصوير كل واحدة منها بعدد ميجابيكسل مختلف ونرى كيف العدد الزائد من الميجابيكسل يوجد به تفاصيل أكثر للصورة خصوصا إذا ما قمنا بتكبيرها.
تساؤلات
هل هذا يعني أنه بمقدروي أن أصور فيلما إحترافيا بكاميرا هاتفي الذي يصور بدقة 4K ويحتوي على 14 ميجابيكسل، والإجابة هي كلا على الرغم من وجود بعض المحاولات في استخدام الهواتف لتصوير الأفلام التجريبية والفيديو كليبات. لماذا لا؟ لأنه وبكل بساطة الميجابيكسل ودقة الصورة ليسوا المتحكمين الوحيدين في جودة الصورة ولكن يوجد هنالك الكثير من العوامل التي تدخل في جودة الصورة ومنها على سبيل المثال لا الحصر حجم المستشعر الضوئي والذي يعرف عنه ( السينسور )، وكما نعرف فإن هنالك أحجام مختلفة للمستشعر الضوئي وكلما كبر حجم المستشعر كان ذلك كفيلا بأن تكون جودة أفضل وذلك نتيجة المساحة الكبيرة التي تسمح لتواجد حجم كبير من البكسل والتي تعني بأن كمية الضوء المستشعرة سوف تكون أكبر وبالتالي أداء الكاميرا يكون ممتازا في الضوء الخافت. أما إذا نظرنا إلى حجم المستشعر الضوئي الخاص في الهواتف الذكية سوف نلاحظ بمدى حجمها الصغير والعدد الهائل من الميجابكسل وهذا العدد الكبير حتى يتواجد في هذه المساحة الصغيرة لابد إذا من أن يكون حجم البيكسل الفعلي صغيرا وبالتالي فقد نفقد من جودة الصورة وأدائها في الضوء الخافت مع وجود الكثير من التشويش في الصورة.
وهذا الأمر نستطيع أن نراه بشكل توضيحي في خط كاميرا الألفا لشركة سوني فنرى إن كاميرا A7s يتم تسويقها لمصورين الفيديو بينما كاميرا A7r يتم تسويقها للمصورين الفوتغرافين وإذا ما نظرنا إلى كلا الكامرتين وما هي أوجه الأختلاف بينهما لوجدنا أنه الميجابيكسل حيث إن المصورين الفوتغرافين يحتاجون الكثير من التفاصيل خصوصا عند مرحلة الطباعة لصورهم بينما مصورين الأفلام والفيديو طريقة عرضهم لصورهم ومقاطعهم المصورة تكون على الشاشات ونظرا لأنك تحتاج إلى مسافة مابينك وبين الشاشة لمشاهدة الصورة فالعدد الكثير من الميجابيكسل لا يشكل أهمية كبرى.
قصة قصيرة
منذ فترة قمت بشراء كاميرا بلاك ماجيك بوكيت سينما 6K وقد قمت بإخبار زملائي وكان لديهم ردة فعل ليست بإيجابية، ولكن كان معهم الحق في كل تعليقاتهم وتساؤلاتهم والتي كانت كالتالي:
- لماذا قمت بشراء كاميرا ذو دقة 6K ?
- هل لديك شاشة تعرض هذه الدقة؟
- هل لديك مساحة تخزين تتحمل تخزين هذه الملفات الكبيرة؟
- أين ستعرضين أعمالك؟
وفي حقيقة الأمر هذه الأسئلة التي يجب أن نسألها عندما نقرر شراء كاميرا ما أو حتى نستخدمها لمشروع ما، وقد كنت على علم بكل هذه التساؤلات وهنا سوف أجيب عن متى نحتاج أن نصور بدقة عالية ولماذا قد نصور بهذه الدقة العالية؟
إن التصوير بدقة عالية أمر جدا مفيد حينما تعمل على مشاهد بها تأثيرات بصرية فالعدد الكبير من الميجابيكسل يجعل من عملية تحرير التأثيرات البصرية أمرا سهلا. أيضا في وقتنا الحالي الكثير من الأعمال التلفزيونية والأفلام يتم تصويرها بدقات جدا عالية مثل 6K و 8K ومن ثم يتم تصديرها بدقة أقل مثل 4K وهذا يعتبر أحد التكنيكات المستخدمة لزيادة حدة وتفاصيل الصورة. كذلك التصوير بدقة عالية وتصديره بدقة أقل يعني أنك تملك مساحة جيدة لتعديل الصورة وتكبيرها دون فقد تفاصيلها ودقتها.
إن من بعض المشكلات أو الجدليات حول التصوير بدقة عالية هو عدم وجود شاشات أو منصات تعرض هذه الدقة العالية فعلى سبيل المثال أغلبنا يشاهد من خلال هاتفه الذكي وهذه الهواتف لا تستطيع أن تعرض بدقة 4K ناهيك عن أن شاشات السينما في العالم ليست جميعها تستطيع عرض 4K وعلى الرغم من وجود منصات وشاشات تلفاز تقبل عرض دقات عالية مثل 8K إلا إن سرعة الإنترنت ليست كفيلة حتى يومنا هذا لعرض أعمال بدقة عالية مما يخل من التجربة الترفيهية للمشاهدين. كذلك من تجربة شخصية فإن الفرق ما بين الدقات المختلفة لا يمكن مشاهدته بصورة واضحة وسوف أقوم بإدراج رابط لبعض المقارنات التي تم عرضها على منصة يوتيوب وسوف تلاحظون أنه فعليا لايوجد إختلاف كبير وهذا يعتمد على المنصة التي تعرض عليها أعمالك والشاشة التي من خلالها تشاهد الفيديو. وفي النهاية ما أردت توضيحه إن عدد الميجابيكسل والدقة هما ليسا العماليين الوحيدين الذين يتحكمان بجودة الصورة والدليل على ذلك وجود كاميرات كلاسيكية صمدت لمدة ١٠ سنين في ظل التطورات الحاصلة في عالم الكاميرات والتي لا تصور إلا بدقة 2K وكانت هذه الأفلام لها نصيب كبير في الجوائز العالمية ولازلنا حتى يومنا هذا نشاهد هذه الأعمال ونستمتع بها دون أن نعلم عن دقتها أو عدد الميجابيكسل.
Comments